منتديات وكالة عفرين للأنباء | AF.N
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الممسوخون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عكيد كردستان
مشـرف
مشـرف
عكيد كردستان


ذكر عدد المساهمات : 16
تاريخ الميلاد : 08/05/1985
تاريخ التسجيل : 02/10/2014
العمر : 39

 الممسوخون  Empty
مُساهمةموضوع: الممسوخون     الممسوخون  Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2014 6:32 pm

آلان كيكاني

 لكل ولاية قناتها التلفزيونية المحلية الخاصة بها في الدولة التركية، تديرها وزارة الإعلام في الظاهر، أما في الباطن فتقوم أجهزة الأمن السرية بإدارتها والتخطيط لها وخاصة تلك التي في الولايات الكردية حيث مهمة هذه المنابر الإعلامية تكمن في صرف أنظار المواطنين الكرد عن قضيتهم القومية وتوجيه هذه الأنظار إلى الشؤون الدينية والوطنية التركية، ويمكن لمن يزور تركيا أن يكتشف بسهولة الازدواجية التي يمارسها الإعلام في الداخل التركي. ففي الولايات الغربية ذات الثقل السكاني التركي ترى هذه الوسائل تركز في بثها على كل ما يتعلق بحياة الناس بشكل مباشر من اقتصاد وسياحة وصحة وثقافة ومناقشة سبل ترقية المجتمع لإيصاله إلى مصاف الأمم المتطورة ودفعه إلى التفكير وفق المعايير والثقافة الأوروبية، أما في المناطق الكردية فيغرد الإعلام في الجهة الأخرى متحولاً إلى إعلام ديني بامتياز، ومهمته دفع الناس إلى التفكير بالموت وسكراته وعذاب القبر وأهواله وجهنم وسعيرها والجنة ونعيمها وأنهارها وحواريها. هذا الإعلام يحث الكرد إلى الزهد والتصوف ويعلمهم فنون الدروشة وطقوسها وشعائرها، فمتى ما شاهدت إحدى هذه القنوات تجدها تنشر الخزعبلات والخرافات في أذهان المواطنين الأكراد من سير حياة رجال التصوف وأفضال زيارة أضرحتهم وفوائدها الدينية والدنيوية، فتراها تبث مقابلة طويلة مع حفيد الشيخ الفلاني صاحب السر الكبير والبركات الهائلة أو برنامجاً وثائقياً عن التكايا ومجالس الذكر في ديار بكر أو عن أضرحة الأنبياء والأولياء الصالحين في ولاية الرها، وكل هذا يبث بطريقة ملفتة ومخالفة للنهج العلماني الذي تتبعه تركيا منذ ما يقرب من قرن من الزمان.


وكنت قد سألت مرة أحد الأكراد الأتراك المتنورين حول سر هذه الظاهرة والمعايير الإعلامية الداخلية المزدوجة التي تقوم بها الحكومة التركية بين غربها وشمالها التركي وجنوب شرقها الكردي فقال مازحاً: لأننا هنا في المناطق الكردية الذين نحافظ على ديننا كفارٌ ونحتاج إلى الهداية أما الذين يمارسون العهر والرذيلة على قارعة الطريق في المدن الغربية فهم أولياء الله الصالحين الذين لا يحتاجون إلى النصح والإرشاد.


دُعيتُ في رمضان الماضي إلى الإفطار في قرية كردية في تركيا لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن مدينة كوباني، وكانت كوباني آنذاك تستغيث بأبناء جلدتها في أجزاء كردستان الأربعة لينقذوها من السقوط في أيدي تنظيم داعش الإرهابي الذي لا يعرف للرحمة والإنسانية معنىً، وكان الكرد الشرفاء في كل مكان في استنفار وقلق وحزن على ما حل وما كان متوقعاً أن يحل بأبناء كوباني البواسل الذين استبسلوا في الدفاع عن مدينتهم بكل ما أوتوا من قوة وعزم، إلا أن قطعان داعش المسلحة بأحدث الأسلحة الأمريكية التي غنمتها من الجيش العراقي أخلّ بالتوازن على الجبهة وجعل من مدينة كوباني وقراها عرضة للسقوط، وبات الشرف الكردي قاب قوسين أو أدنى من الانتهاك هناك. وقد قبلتُ حينذاك دعوة الداعي إلى الإفطار ليس طمعاً في تناول وجبة شهية وإنما حرصاً مني في الاستماع إلى القوم الذين دعوني ومعرفة ما ينوون فعله وما يستعدون له في سبيل الدفاع عن أبناء عمومتهم في كوباني الذين تربطهم بهم علاقات أسرية وثيقة جداً. أفطرنا في بيت مضيفنا وصلينا المغرب جماعة وقد ذيَل الإمام الصلاة بدعاء جهوري ( لأهله ) المسلمين في غزة وبدعاء على اليهود ( الملاعين ) رافعاً يديه إلى السماء ونحن نقتدي به وسط  نشيج الداعين وإجهاشهم بالبكاء حتى مد الكثيرون منهم أياديهم إلى جيوبهم وأخرجوا منها مناديل يمسحون بها دموعهم، وعندما انتهت الصلاة والدعاء وجلسنا على مائدة الشاي قلت للشيخ: بعدت كثيراً يا شيخ، غزَّتك هنا قريبة منك وعلى رمية حجر، أما كانت هي الأولى بالدعاء؟ قال ماذا تقصد؟ قلت ها هي كوباني في ضيق شديد وعلى بعد مئات الأمتار منك وهم أهلك وأقرباؤك أما تستحق الدعاء منك، وهو أقل الإيمان؟ قال لا هؤلاء قومجيون لا يجوز لهم الدعاء.


 

وفي اليوم التالي كنت في مدينة ميرسين، وقد خرجت من فندقي بسيارتي إلى نزهة ولم أعرف كيف أعود إليه، ثم قلت لنفسي كيف يمكن لكردي أن يضيع في مدينة نصفها أكراد؟ فلا بد أن نجد من هو كردي ونسأله، فأوقفت سيارتي بقرب شخصين كانا واقفين في محطة للباص الداخلي وسألتهما، وبالفعل كان أحدهما كردياً ومن ( العاصمة ) آمد، وقد أبدى الرجل استعداده لمرافقتي إلى فندقي، وصعد إلى السيارة، وقد أبديت له من ناحيتي بإيصاله إلى وجهته بعد أن أهتدي إلى فندقي، إلا أن صاحبي ما إن أوصلني إلى باب الفندق حتى بدأ يتشاجر معي مطالباً بال ( قوموسيون ) على حد تعبيره، عرضت عليه ثلاثين ليرة تركية كانت في جيبي لكنه أبى وأقسم أنه لا يرضى بأقل من مئة أي ما يعادل خمسين دولاراً ثمناً لمرافقته إياي لمدة ثلاث دقائق! ولم يخلصني منه إلا صاحب الفندق التركي الذي تدخل في الوقت المناسب وزجره وهدده بالاتصال بالشرطة إن لم يغادر المكان فورا، بل وبصق عليه حين علم موضوع الخلاف، فولى صاغراً مطأطأ الرأس، إلا أنني التحقت به ودسست الثلاثين ليرة في جيبه كي يستقل بها سيارة إلى بيته وقلت له لو كنت في مدينة سورية وسألت كردياً عن وجهتك لخدمك ولو كلفه ذلك الكثير فما الذي يدفعك إلى مثل هذا التصرف وقد علمت أنني كردي سوري ونحن الذين دفعنا خمسة آلاف من خيرة شبابنا في سبيل حريتكم فقال وهو يغادرني من غير كلمة وداع أو شكر: أنتم السوريون كفار لا تستحقون المساعدة منا. وكان ثملاً تفوح منه رائحة العرق!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الممسوخون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات وكالة عفرين للأنباء | AF.N  :: قســم الكرد و كردســتان :: قضايا كردية ساخنة-
انتقل الى: